لا ضربة امريكية ولا تجربة نووية كورية شمالية .. جونغ يستعرض بعابرات القارات وترامب يتوارى .. مالذي حصل..؟ وما وراء التراجع الامريكي..؟
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
صرح مصدر امريكي عسكري عن تراجع الولايات المتحدة عن قرار توجيه ضربة وقائية لكوريا الشمالية في الوقت الراهن.
حالة احتقان عالية سادت الملف الكوري الشمالي يوم امس و شدت انظار العالم باتجاه شبه الجزيرة الكورية وما اذا كان ترامب سيتحلى بالعنترية هناك كما تحلى بها في سوريا، و يندفع تحت تأثير الاستفزاز الكوري الشمالي باعلان المضي في اجراء التجارب النووية و الصاروخية المقررة ضمن برنامج الاحتفالات الكورية و توجه الولايات المتحدة ضربة عسكرية لكوريا.
لم تقم كوريا الشمالية بتجربته نووية اليوم لكنها قامت بما هو اخطر بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية، و هو اول اطلاق لصاروخ باليستي من غواصة، و كذا استعراض صواريخ بالستية عابرة للقارات جديدة لم يكن قد اعلن عنها من قبل، و خطورة هذا الامر بالنسبة للولايات المتحدة هو متعلق بالقدرة على إيصال النووي الى ارض الولايات المتحدة ذاتها و ليس حلفائها او قواعدها في المحيطات فقط في حال بلغت مديات هذه الصواريخ للولايات المتحدة، و بالتالي مع ان الصواريخ الكورية ليست اقوى من النووي الكوري لكنها هي الاخطر على الولايات المتحدة لأنها ما سيوصل النووي من كوريا الى اراضيها.
مفاجئة كوريا الشمالية بظهور عدد كبير من غواصاتها منتشرة في محيط المنطقة بعد ان كانت قد اختفت من رادارات كوريا الجنوبية لعبت دورا كبيرا في تعديل مزاج ترامب و فرضت عليه اعادة حساباته في مدى امكانية سيطرة الولايات المتحدة على رد الفعل الكوري تجاه أي ضربة قد توجه لها.
كوريا الشمالية لم تمضي اليوم في تجربتها النووية وبالتالي يكون موقف كوريا متراجع في ظل ازدياد و ارعاد وزير خارجيتها امس بان التجربة ستجري، و هذا التراجع الكوري هو على خلفية ضغوط صينية روسية مورست عليها باعتبار الامر سيمثل استفزاز للمجتمع الدولي ككل، وهو امر مُعين للولايات المتحدة اكثر من كونه تحديا لها حتى و ان كان تهديدا لحلفائها في المنطقة، و بالتالي يمكن قراءة هذا الموقف الكوري اليوم بانه تعقل اكثر من كونه تراجع.
لكن المواقف الامريكية اليوم تظهر غصة امريكية حقيقية فحاملة الطائرات وما يرافقها من قوة كان قد دفع بها باتجاه كوريا الشمالية في إثر سابقتها التي غيرت مسارها الاسبوع الماضي بنفس الاتجاه، وجدت الولايات المتحدة نفسها مضطرة لان تطمس معالم الرسالة العدائية التي كانت تحملها بتصريحها انها في اطار مهمة إعتيادية مخطط لها من قبل، وتصريح كهذا في هذا التوقيت بالذات هو تراجع امريكي حتى وان كانت قوتها الاخيرة في اطار مهمة اعتيادية بالفعل.
كوريا الشمالية تحدثت بانها مستعدة لاي نوع من الرد تفرضه عليها الولايات المتحدة، فان هوجمت بسلاح تقليدي فسترد بسلاح تقليدي و ان هوجمت بسلاح نووي فسترد بنووي كذلك، وهو حديث يجزم بالرد الكوري وعدم جدوى فكرة الضربة تحت ضوابط أمنية تمنع انفجار الموقف التي كانت ستعول عليها الولايات المتحدة في حال اجرت كوريا تجربتها النووية و ترتب على ذلك إضعاف موقف حليفيها روسيا و الصين.
تصريح مصدر في البنتاجون المتراجع اليوم كان ملفت للغاية، فهو يعد تراجعا هائلا ليس فيما يتعلق بقرار الضربة الوقائية التي تحدثت عنها واشنطن طوال الايام الماضية و انما تراجع عن حدة موقفها تجاه الملف الكوري الشمالي ككل و اظهار ضعف في حساسية موقف الولايات المتحدة من البرنامج النووي و الصاروخي لكوريا الشمالية و التي كانت قد تمكنت الولايات المتحدة ان تجعلها في اعلى مستوياتها بقرار ادانة من مجلس الامن.
خروج مصدر البنتاجون اليوم بتصريح ان الولايات المتحدة لن توجه ضربة عسكرية لكوريا الشمالية في الوقت الراهن هو تراجع ولكن الامر لم يقف هنا فقد استمر المصدر في قوله ان الولايات المتحدة لن توجه ضربة عسكرية لكوريا الشمالية حتى لو مضت في تجاربها الصاروخية و النووية، و اضاف انها لن تقوم بذلك الا اذا هاجمت كوريا الشمالية كوريا الجنوبية او اليابان حليفي الولايات المتحدة في المنطقة.
تصريح كهذا يدعم تصور ان عدم اجراء كوريا الشمالية لتجربتها النووية التي كانت مقررة اليوم كان على خلفية الضغوط او التفاهم مع بكين و موسكو ولم يكن ناتج عن حسابات تجاه ردود الافعال الامريكية على التجربة و لا حتى ناتج عن صفقة او تفاهم كوري شمالي مع الولايات المتحدة، فمصدر البنتاجون نفى توجيه ضربة لكوريا حتى لو اجرت تجرب نووية وليس صاروخية فقط.
مصادر امريكية تحدثت عن ان وزير دفاع امريكي سابق حذر الرئيس ترامب من عواقب خطوة كتوجيه ضربة لكوريا الشمالية، وان ذلك سيعرض الامن الدولي وليس امن حلفاء الولايات المتحدة فقط لخطر محقق سيخرج عن سيطرة الولايات المتحدة الامريكية.
المشهد عموما ان هناك خطوة كورية شمالية تمت الى الخلف بعدم اجراء تجربتها النووية حتى وان قامت بتجربتها الصاروخية من غواصاتها، وبالمقابل هناك تراجع حاد في الموقف الامريكي لن يخلو من التسبب في احراج للولايات المتحدة بعد تلويحها بالعصى الغليضة تجاه كوريا الشمالية ثم التراجع للحديث الذي يحمل مضامين تطمينية لهذه الاخيرة.
احتفل كيم جونغ اون الزعيم الكوري الشمالي بذكرى ميلاد جده منتشيا مستعرض لعضلاته بعرض صواريخ جديدة عابرة للقارات و بتجربة صاروخية بالستية من الغواصات و لم ينسى ان يحتفل اقتصاديا بقص الشريط عن شارع من ناطحات السحاب الجديدة في عاصمته بيونغ يانغ، وما خمود ترامب اليوم بمستغرب في ظل سياساته الاندفاعية التي لا تخلو من “حمق سياسي” سيجلب الحسرات للولايات المتحدة الامريكية.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا